Tuesday, January 11, 2011

شرح حديث (أن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير....) من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله

عن خولة بنت عامرٍ الأنصارية ، وهي امرأة حمزة- رضي الله عنهما- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: " إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة" رواه البخاري" [351].
الشرح

قال المؤلف - رحمه الله - فيما نقله عن خولة زوجة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسمل قال:" إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة" هذا أيضاً مما يدل على تحريم الظلم في الأموال الذي خو خلاف العدل. وفي قوله: " يتخوضون" دليلٌ على أنهم يتصرفون تصرفاً طائشاً غير مبني على أصول شرعية، فيفسدون الأموال ببذلها فيما يضر، مثل من يبذل أمواله في الدخان، أو في المخدرات، أو ف شرب الخمور، أو ما أشبه ذلك، وكذلك أيضاً يتخوضون فيها بالسرقات ، والغصب ، وما أشبه ذلك، وكذلك يتخوضون فيها بالدعاوى بالباطلة، كأن يدّعي ما ليس له وهو كاذب، وما أشبه ذلك. فالمهم أن كل من يتصرف تصرفاً غير شرعي في المال- سواء ماله أو مال غيره- فإن له النار -والعياذ بالله- يوم القيامة إلا أن يتوب، فيرد المظالم إلى أهلها ، ويتوب مما يبذل ماله فيه من الحرام؛ كالدخان والخمر وما أشبه ذلك، فإنه ممن تاب الله عليه ، لقول الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (الزمر:53-59). وفي هذا الحديث تحذير من بذل المال في غير ما ينفع والتخوض فيه ؛ لأن المال جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، فإذا بذله في غير مصلحة كان من المتخوضين في مال الله بغير حق.

صور من أكل الحرام

الشيخ/ ناصر بن محمد الأحمد


الخطبة الأولى:
إن الحمد لله..
أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا بأن أكل الحرام، أمر عظيم عند الله - عز وجل -، وله آثار عظيمة، وقد تساهل الناس كثيراً هذه الأيام، في الأكل والأخذ والجمع، ولا يهمهم حلال أم حرام إلا من رحم الله.
كيف يتجرأ المؤمن على أكل الحرام، وقد أغناه الله بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}
[(172) سورة البقرة]، ويقول - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [(29) سورة النساء]، وقال سبحانه: {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [(100) سورة المائدة]؛ فالحرام خبيث وإن كان كثيراً، وإن بدى لك أنه حسن وطيب، فهو سيئ خبيث.
عباد الله: إن أكل الحرام له من الآثار السيئة على آكله ما الله به عليم، فعلى سبيل المثال:
إن الذي يأكل الحرام لا يستجاب له دعاء، وهل يستغنى العبد عن ربه طرفة عين، أبداً، روى الحافظ ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنه -ما قال: تُليت هذه الآية عند النبي - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً}
[(168) سورة البقرة]، فقام سعد بن أبي وقاص، فقال يا رسول الله، أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال: يا سعد: ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)). وذكر - عليه الصلاة والسلام - فيما رواه مسلم في صحيحه: ((أن الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام وغذيّ بالحرام فأنى يستجاب لذلك)).
كيف يكون حال رجل لا يرفع له دعاء، ولا يستجاب له طلب، بسبب أكله للحرام، وما ندري لعل ما أصاب كثيراً من الناس اليوم، من الوقوع في المحرمات وإضاعة الصلوات، والتكاسل عن الطاعات، سببه المآكل المحرمة، ولعل ما أصيب به الناس في هذه الأزمات من الأمراض، وما ينزل بهم من كوارث، كل هذا من أسبابه أكل الحرام -والعياذ بالله-.
ومما يصاب به أكل الحرام، أنه يقع تحت الوعيد بنار جهنم، روى البخاري في صحيحه، عن خولة الأنصارية - رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة)).

أكل الحرام يفسد القلب ويمنع الإجابة

مما لا شك فيه أن هناك علاقة وثيقة بين صلاح القلب وفساده، وبين طعام العبد وكسبه، فإن الكسب إذا كان حرامًا وتجرأ العبد على أكل الحرام، فإن القلب يفسد بهذا، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات". عقب بقوله: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". [البخاري ومسلم].
فالقلب بمثابة الملك، والأعضاء رعيته، وهي تصلح بصلاح الملك، وتفسد بفساده.
قال المناوي: "وأوقع هذا عقب قوله: "الحلال بيِّن" إشعارًا بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه، والشُّبَه تقسيه".
التحذير من أكل الحرام:
نهى الشرع المطهر أتباعه عن أكل الحرام، سواء كان هذا المأكول أموالاً وحقوقًا للناس، أو طعامًا حرم الله تناوله، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:188].
وقد جاء في تفسيرها عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "هذا في الرجل يكون عليه مالٌ وليس عليه فيه بينة، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وقد علم أنه آثم، آكل حرام".
وقال قتادة رحمه الله :اعلم يا ابن آدم أن قضاء القاضي لا يحل لك حراما ، ولا يحق لك باطلا ، وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى وتشهد به الشهود ، والقاضي بشر يخطىء ويصيب، واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة فيقضي على المبطل للمحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا.
 أكل أموال اليتامى ظلما
تتعدد صور أكل الحرام ومن أعظمها وأشدها أكل أموال اليتامى ظلما ، وقد حرم الله ذلك أشد التحريم فقال عز وجل: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا) [النساء:6].
قال الشيخ السعدي – رحمه الله – في تفسيرها: "أي (ولا تأكلوها) في حال صغرهم التي لا يمكنهم فيها أخذها منكم، ولا منعكم من أكلها، تبادرون بذلك أن يكبروا، فيأخذوها منكم ويمنعوكم منها. وهذا من الأمور الواقعة من كثير من الأولياء الذين ليس عندهم خوف من الله ولا رحمة ومحبة للمولى عليهم، يرون هذه الحال فرصة فيغتنمونها ويتعجلون ما حرم الله عليهم، فنهى الله عن هذه الحالة بخصوصها"اهـ.
ومما يشيب له الولدان الترهيب الشديد الذي أتى بعد ذلك لمن أكل مال اليتيم ظلمًا: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النساء:10].
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على الخير لأمته، ودرأ الشر عنها فقد حذر من أكل الحرام ، ومنه أكل مال اليتيم: "اجتنبوا السبع الموبقات". وذكر منها: "أكل مال اليتيم". (البخاري ومسلم).
أكل الربا
ومن صور الحرام التي استهان كثير من الناس بها وتجرأوا عليها أكل الربا الذي حرمه الله ورسوله: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) [البقرة: 275]. وقال ناهيًا عن أكل الربا ومحذرًا من عقوبته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة:278، 279].
فمن يطيق حرب الله تعالى؟!
ثم إن الله تعالى بيَّن في كتابه الكريم أن الربا مصيره إلى الدمار والهلاك: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [البقرة:276]. وأكل الربا عدَّه النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات.
إن صور أكل الحرام كثيرة، منها: السرقة، والرشوة، والميسر، والغصب، والغش، والغلول، والغبن الفاحش في البيع والشراء.
وليس غرضنا في هذه العجالة الكلام عن كل واحدة منها بالتفصيل، إنما القصد التحذير من أكل الحرام في الجملة.
أكل الحرام والدعاء
إن لطيب المطعم أو خبثه أثرًا مباشرًا في قبول الدعاء، فإن كان العبد يتحرى أكل الحلال الطيب فإن دعاءه أقرب إلى القبول والإجابة، أما إن تجرأ على أكل الحرام فإنه يضع بذلك الحواجز والعوائق بين دعائه وبين الإجابة والقبول.
وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51]. وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: 127]. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟"[رواه مسلم].
وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله – "والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة".
ويقول العلامة ابن رجب – رحمه الله -: "أكل الحرام وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجب لعدم إجابة الدعاء".
نعم؛ إن مما لا شك فيه أن أكل الحرام يمنع من قبول الدعاء، بل قد يمنع من قبول العبادة، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: "لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام".
ويقول ابن رجب – رحمه الله -: "فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولاً؟".
وقال وهب بن الورد: "لو قمتَ مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أو حرام".
إنه لحريٌّ بالعبد أن يوقن أن الدنيا ليست نهاية المطاف، وأنه إن فاز بشيء حرام منها فإن هناك داراً أخرى سيوقف فيها للحساب، وليس هناك ثمة دينار ولا درهم، إنما هي الحسنات والسيئات، فليتق الله كلُّ واحد منا وليطب مطعمه.
وفقنا الله جميعًا للحلال الطيب، وجنبنا والمسلمين كل خبيث وحرام.

Wednesday, January 5, 2011

اقتناء كلب للحراسة

السؤال:
     هل يجوز حيازة كلب في حوش الفيلا للحراسة؟ رغم أن الفيلا في منطقة سكنية عامة؟ واذا كان نعم، فهل يجوز لمسه؟ وهل يجوز مصافحة هذا الرجل؟
المفتي:       يوسف بن عبد الله الشبيلي
الإجابة:
يجوز اقتناء الكلب لحراسة المنزل أو لحراسة الماشية أو الزرع أو للصيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من اتخذ كلباً إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراط أو قيراطان" (متفق عليه)، ولا بأس بلمسه ومصافحة الرجل الذي يلمسه أو يقتنيه.

المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
Source